عدد المساهمات : 115 تاريخ التسجيل : 29/05/2009 العمر : 31
موضوع: اللذة المُضيَّعة.. بأي ذنب؟! الأحد سبتمبر 06, 2009 12:14 am
اللذة المُضيَّعة.. بأي ذنب؟!
الأول: أظنني لا أحس بلذة! أشعر أن عبادتي صارت عادة، وأن صيامي جوع وشبع بعده!!
الثاني: ولكني لم أسجد لله بحياتي قط كما سجدت هذا العام.. ما ختمت قرآناً منيراً ولا دعوت دعاءً عريضاً ولا ذرفت دمعاً خاشعاً أكثر مما فعلت بذي رمضان.. لم تنتهي عندي لذة الصيام عند الأذان؟! ولم تفنى سعادتي بالقرآن بمجرد انتهاء قراءتي؟! ولم تذبل غبطتي التي أعيشها وأنا قائم أصلي متذللاً منكسراً خاشعاً خائفاً تائباً منيباً بعد أن أسلّم وأخرج منها؟!
الأول: أيوجد عندي علة؟! أمقصّر أنا؟! بربك فاطرِ السماوات دلّني.. فما عدت أطيق خوفاً يعيشني.. ورهبة أسكنها.. بربك إني أريد عتقاً.. أريد أن تطمئن روحي.. وتهدأ جوانحي.. ويسكن فؤادي.. ألا إني أقسم عليك أن دلني وأرشدني.. ارحم أخاك الذي التمس منك الدواء.. وحار في كينونته فلم يجد الداء..
رفع عينيه المضيئتين، وتبسم لي ابتسامة لم أعيها؛ أهي ابتسامة غضبان أم ابتسامة مشفق عليّ بحنان؟!!
وقال بصوت مبحوح: ويحك من ذنب ارتكبته أضاع لذة صيامك، وسعادة قلبك بقرآن ربك، وبهجة روحك وأنسها بصلة خالقك!! ويحك من ذنب ارتكبته.. فلا تحقرن من ذنوبك صغيراً فلربما هو سبب شقائك... تب إلى الله وأصلح نفسك.. تب إلى الله وأصلح نفسك.. تب إلى الله وأصلح نفسك.. ...
فلا زال كَلِمُه يتردد داخلي، وخافقي مرتعش واجف قلق.. وما زال يرددها وقلبي لسماعها منفطر، ودمعي على الأجفان مهراق.. وما زال صاحبي يوصيني أن تب إلى الله وأصلح نفسك..
اهتز قلبي وارتعد.. وبدأت روحي تخصف وتضطرب.. أي ذنب أجرمته في حق علام الغيوب؟!! أي ذنب أنساني نفسي، وأذهب لذة عبادتي؟!! أي ذنب سيحرمني غفران ربي؟ ويقصيني عن ليلة قدر؟؟
>>>
وفجأة.. كيف يغفر الله لي وأنا لا أغفر لعباده؟! كيف يمنحني القدوس لذة الصلة وأنا قاطع صِلاتي مع إخواني؟!!
لكني لم أجرم.. نعم، فقد كان هو المخطأ وكان لزاما عليه أن يعتذر،، كان هو الظالم فكيف أسامحه؟ قد مضى ما يقرب السنتين.. فكيف وكيف؟
ولكن: أما أجرمت أياماً بحق ربك فغفر؟ أما أذنبت أزمنة فسامحك الله وعفا؟! لن يضير الله معصيتك، ولن تُنْقِص من ملكوته ذرة رمل.. تب إلى ربك ولا تحرم نفسك من ليال مباركة تب إلى بارئك واحتسب، ولا تُبعد الرحمة والمغفرة والعتق اصفح وسامح واجعل قلبك أبيض على إخوانك..
ارتعش قلبي، وارتجفت يدي وهي ترفع سماعة الهاتف، واضطرب صوتي: "اشتقنا لصوتك يا أخي، فلْنَنْسَ ما كان".
أشرقت النفس وتهللت.. وطاب الخاطر وابتهج..
(وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) ننتسب إلى ربنا.. نوقظ هذا الحس في قلوبنا.. ونُعمل به فكرنا.. ونعلق به قلوبنا.. ونسدد بآيات القرآن أقوالنا وأفعالنا.
إذ كيف لامْرِئ يطلب المغفرة والرحمة وهو ظالم لنفسه قاطع لإخوانه؟